الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ البُخَارِيّ، كَمَا سلف فِي الْبَاب فِي الحَدِيث السَّابِع مِنْهُ.
هَذَا الحَدِيث قد سلف الْكَلَام عَلَيْهِ، وَهُوَ بعض من الحَدِيث الْحَادِي بعد الْخمسين، فَرَاجعه من ثمَّ.
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم كَمَا سلف بِطُولِهِ فِي الْبَاب فِي الحَدِيث الْحَادِي بعد الْعشْرين مِنْهُ إِلَّا أَنه قَالَ: «تبَارك». بِإِسْقَاط الْفَاء، وَرَوَاهُ بإثباتها أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي كِتَابه وصف الصَّلَاة بِالسنةِ وَزَاد فِي أصل الرَّوْضَة «بحوله وقوته» قبل «تبَارك».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه بِلَفْظ «ثمَّ سجد فَأمكن...» إِلَى آخِره وَلم يقل: «من الأَرْض» وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه بهَا.
هُوَ كَمَا قَالَ، فَفِي سنَن أبي دَاوُد من حَدِيث بَقِيَّة، حَدثنِي عتبَة- يَعْنِي ابْن أبي حَكِيم- حَدثنِي عبد الله بن عِيسَى، عَن الْعَبَّاس بن سهل السَّاعِدِيّ، عَن أبي حميد فِي هَذَا الحَدِيث وأحال عَلَى حَدِيث قبله قَالَ: «وَإِذا سجد فرج بَين فَخذيهِ غير حَامِل بَطْنه عَلَى شَيْء من فَخذيهِ». بَقِيَّة حَالَته قد علمتها فِيمَا مَضَى، وَعتبَة أَيْضا علمت حَاله فِي أَوَاخِر بَاب الاستطابة. وَفِي مُسْند أَحْمد، نَا أَبُو كَامِل، نَا شريك، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه «أَنه وصف السُّجُود فَقَالَ: فَبسط كفيه وَرفع عجيزته وخوى، وَقَالَ: هَكَذَا سجد النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم». وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي تَوْبَة، عَن شريك، عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: «وصف لنا الْبَراء بن عَازِب أَنه وضع يَدَيْهِ وَاعْتمد عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَرفع عجيزته، وَقَالَ: هَكَذَا كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْجد». وَفِي سنَن الْبَيْهَقِيّ وصِحَاح ابْن السكن من حَدِيث الْبَراء أَيْضا قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ركع بسط ظَهره وَإِذا سجد وَجه أَصَابِعه قبل الْقبْلَة فتفاج». قَالَ الْجَوْهَرِي: فججت مَا بَين رجليَّ أفجهما فجًّا إِذا فتحت، يُقَال: يمشي مفاجًّا وتفاجَّ يبين فعل ذَلِك من فتح رجلَيْهِ.
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد كَمَا سلف فِي الحَدِيث السَّادِس بعد السّبْعين وبلفظ: «ونحى يَدَيْهِ عَن جَنْبَيْهِ». وَفِي رِوَايَة لَهُ «فيجافي يَدَيْهِ عَن جَنْبَيْهِ». وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِلَفْظ «ثمَّ جافى عضديه عَن إبطَيْهِ». ثمَّ قَالَ: حسن صَحِيح. وَفِي رِوَايَة لِابْنِ خُزَيْمَة «ثمَّ يهوي إِلَى الأَرْض ويجافي يَدَيْهِ عَن جَنْبَيْهِ». وَفِي لفظ: «مجافيًا يَدَيْهِ عَن جَنْبَيْهِ».
هَذَا الحَدِيث سلف فِي الحَدِيث السَّابِع بعد السّبْعين وَلَفظه «وخوى». وَفِي سنَن النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وصَحِيح ابْن خُزَيْمَة ومُسْتَدْرك الْحَاكِم عَن الْبَراء أَيْضا «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صَلَّى جخ». وَلَفظ النَّسَائِيّ «جخن». وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه بلفظين: أَحدهمَا: «جخ» وَالثَّانِي: «إِذا سجد جافى يَدَيْهِ عَن إبطَيْهِ». قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم وَلم يخرجَاهُ، وَهُوَ أحد مَا يعد من أَفْرَاد النَّضر بن شُمَيْل قَالَ: وَقد حدث بِهِ زُهَيْر بن مُعَاوِيَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أربدة التَّمِيمِي، عَن الْبَراء، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: «أتيت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَلفه فَرَأَيْت بَيَاض إبطَيْهِ وَهُوَ مجخ قد فرج يَدَيْهِ». فَائِدَة: جخَّ- بجيم مَفْتُوحَة ثمَّ خاء مُعْجمَة مُشَدّدَة- قَالَ الْهَرَوِيّ: أَي فتح عضديه فِي السُّجُود، وَقَالَ: وَرَأَيْت لأبي حَمْزَة «كَانَ إِذا صَلَّى جخ» أَي: تحول من مَكَان إِلَى مَكَان. قلت: وَهَذَا غَرِيب. قَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك سَمِعت أَبَا زَكَرِيَّا الْعَنْبَري يَقُول: جخ الرجل فِي صلَاته إِذا مد ضبعيه ويجافي الرُّكُوع وَالسُّجُود. وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه سَمِعت السّري يَقُول: قَالَ النَّضر: جخ الَّذِي لَا يتمدّد فِي رُكُوعه وَلَا فِي سُجُوده.
هَذَا صَحِيح، وَقد ورد ذَلِك فِي عدَّة أَحَادِيث: أَحدهَا: عَن مَيْمُونَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سجد، لَو شَاءَت بهمة أَن تمر بَين يَدَيْهِ لمرت». رَوَاهُ مُسلم كَمَا سلف فِي الحَدِيث الْحَادِي بعد السّبْعين، وَفِي رِوَايَة لَهُ «كَانَ إِذا سجد خوى بيدَيْهِ- يَعْنِي جنَّح- حَتَّى يرَى وضح إبطَيْهِ». والوضح: الْبيَاض. ثَانِيهَا: حَدِيث أبي حميد، وَقد سلف فِي الحَدِيث الثَّامِن بعد السّبْعين. ثَالِثهَا: عَن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم الْخُزَاعِيّ، عَن أَبِيه قَالَ: «كنت مَعَ أبي بالقاع من نمرة، فمرت ركبة فَإِذا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ فَصَلى قَالَ: فَكنت أنظر إِلَى عُفرتَىِ إبطَيْهِ إِذا سجد أرَى بياضه» رَوَاهُ الشَّافِعِي وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث دَاوُد بن قيس، وَلَا نَعْرِف لعبد الله بن أقرم عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم غير هَذَا الحَدِيث. قلت: بلَى لَهُ حَدِيث آخر ذكره أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه، وَدَاوُد هَذَا من فرسَان مُسلم. قَالَ الشَّافِعِي فِيهِ: ثِقَة حَافظ، وَكَذَلِكَ وَثَّقَهُ أَحْمد وَيَحْيَى وَغَيرهمَا. وَعبيد الله بن أقرم وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ. والقاع: المستوي من الأَرْض. وَالركبَة- بِفَتْح الْكَاف- قَالَه الْجَوْهَرِي قَالَ: والركب: أَصْحَاب الْإِبِل فِي السّفر دون الدَّوَابّ، وهم الْعشْرَة فَمَا فَوْقهَا، وَالْجمع أركب قَالَ: وَالركبَة بِالتَّحْرِيكِ أقل من الركب، والأركوب- بِالضَّمِّ-: أَكثر من الركب، والركبان الْجَمَاعَة مِنْهُم. وعفر الْإِبِط: بياضه. رَابِعهَا: عَن عبد الله ابْن بُحَيْنَة قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صَلَّى فرج بَين يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُو بَيَاض إبطَيْهِ». مُتَّفق عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَة لَهما: «كَانَ إِذا سجد جافى فِي سُجُوده حَتَّى يرَى وضح إبطَيْهِ». خَامِسهَا: عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سجد جافى حَتَّى يرَى بَيَاض إبطَيْهِ». رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَصَححهُ أَبُو زرْعَة. سادسها: عَن أَحْمَر- بالراء- ابْن جُزْء رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «إِن كُنَّا لنأوي لرَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا يُجَافِي مرفقيه، عَن جَنْبَيْهِ إِذا سجد» رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه بِإِسْنَاد صَحِيح. قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي آخر الاقتراح: وَهُوَ عَلَى شَرط البُخَارِيّ. قَالَ الْخطابِيّ: مَعْنَى نأوي: نرق لَهُ. قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي جَامع المسانيد: فِي الصَّحَابَة خَمْسَة كلهم اسْمه أَحْمَر أحدهم: هَذَا، وثانيهم: ابْن سَوَاء، وثالثهم: ابْن مُعَاوِيَة، وأحمر مولَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. وأحمر مولَى أم سَلمَة، وأحمر بن قطن الهمذاني شهد فتح مصر، ذكره ابْن يُونُس. سابعها: عَن عدي بن عميرَة الْكِنْدِيّ «أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا سجد جافى حَتَّى يرَى بَيَاض إبطَيْهِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه بِإِسْنَاد جيد. ثامنها: عَن ابْن عَبَّاس «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا سجد يرَى بَيَاض إبطَيْهِ» وَفِي لفظ «أتيت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَلفه، فَرَأَيْت بَيَاض إبطَيْهِ وَهُوَ مجخ قد فرج يَدَيْهِ». رَوَاهُمَا أَحْمد فِي مُسْنده وَفِي الأول شُعْبَة مولَى ابْن عَبَّاس، قَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. والمجخ الَّذِي قد فرج يَدَيْهِ فِي سُجُوده. تَنْبِيه: لما ذكر الرَّافِعِيّ التَّفْرِيق فِي هَذِه الْأَمَاكِن قَالَ: هَذِه الْجُمْلَة يعبر عَنْهَا بالتخوية وَهِي ترك الخواء بَين الْأَعْضَاء. وَهُوَ تَابع النِّهَايَة فِي ذَلِك حَيْثُ قَالَ: تَفْسِير التخوية مَا ذَكرْنَاهُ وَمِنْه يُقَال خوى الْبَعِير إِذا برك عَلَى وقارٍ وَلم يسترح. وَمَعْنَاهَا فِي اللِّسَان: ترك خواء بَين الْأَعْضَاء. وَفِي الصِّحَاح خوى الْبَعِير تخوية إِذا جافى بَطْنه عَن الأَرْض فِي بروكه، وَكَذَلِكَ الرجل فِي سُجُوده، والطائر إِذا أرسل جناحيه وَهَذَا أخص من كَلَام الرَّافِعِيّ فَإِنَّهُ خص التخوية بمجافاة الْبَطن عَن الأَرْض، وَفِي نِهَايَة ابْن الْأَثِير مَعْنَى «إِذا سجد خوى» جافى بَطْنه عَن الأَرْض ورفعها، وجافى عضديه عَن جَنْبَيْهِ حَتَّى يخوى مَا بَين ذَلِك، وَفِي الْمَشَارِق مَعْنَاهُ: جافى بَطْنه عَن الأَرْض، وخواء الْفرس- مَمْدُود-: مَا بَين يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ. والخواء: الْمَكَان الْخَالِي.
هَذَا الحَدِيث تقدم فِي الحَدِيث السَّادِس بعد السّبْعين فَرَاجعه مِنْهُ.
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَلَى الصَّحِيحَيْنِ، وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحهمَا، وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه. قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ.
هَذَا الحَدِيث ذكره أَيْضا صَاحب الْمُهَذّب وبيض لَهُ الْمُنْذِرِيّ. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرحه لَهُ: إِنَّه حَدِيث غَرِيب، ويغني عَنهُ حَدِيث أبي حميد... فَذكره. وَهَذَا عَجِيب فَهُوَ فِي سنَن الدَّارَقُطْنِيّ عَن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد، نَا أَبُو شيبَة، نَا أَبُو غَسَّان، نَا جَعْفَر الْأَحْمَر، عَن حَارِثَة- بِالْحَاء الْمُهْملَة- عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة قَالَت: «كَانَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سجد اسْتقْبل بأصابعه الْقبْلَة». وحارثة هَذَا هُوَ ابْن أبي الرِّجَال ضَعَّفُوهُ، وقَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. ثمَّ رَأَيْته بعد ذَلِك فِي وصف الصَّلَاة بِالسنةِ لأبي حَاتِم بن حبَان بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيح عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: «فقدتُ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ معي عَلَى فِرَاشِي فوجدتهُ سَاجِدا راصًّا عَقِبَيْهِ مُسْتَقْبلا بأطراف أَصَابِعه الْقبْلَة». وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد واستقبل بأطراف أَصَابِع رجلَيْهِ الْقبْلَة». وَاعْلَم أَن الرَّافِعِيّ قَالَ: لتكن الْأَصَابِع منشورة مَضْمُومَة مستطيلة فِي جِهَة الْقبْلَة ثمَّ ذكر حَدِيث وَائِل السالف وَحَدِيث عَائِشَة، وَمرَاده بذلك أَصَابِع الْيَدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ سَيذكرُ بعد ذَلِك أَصَابِع الرجلَيْن، وَلَيْسَ فِي هذَيْن الْحَدِيثين صَرَاحَة بأصابع الْيَدَيْنِ إِلَّا أَن يُقَال أَصَابِعه فيهمَا جمع مُضَاف، وَهُوَ يَقْتَضِي الْعُمُوم، لَكِن حَدِيثهَا فِي وصف الصَّلَاة بِالسنةِ صَرِيح فِي أَصَابِع الرجلَيْن.
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، وَقد أسلفناه بِطُولِهِ أول الْبَاب، فَرَاجعه من ثمَّ.
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَفظه «ثمَّ يرفع رَأسه ويثني رجله الْيُسْرَى فيقعد عَلَيْهَا، ويفتخ أَصَابِع رجلَيْهِ إِذا سجد، ثمَّ يسْجد ثمَّ يَقُول: الله أكبر. وَيرْفَع ويثني رجله الْيُسْرَى فيقعد عَلَيْهَا حَتَّى يرجع كل عُضْو إِلَى مَوْضِعه، ثمَّ يصنع فِي الْأُخْرَى مثل ذَلِك». وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِلَفْظ «ثمَّ ثنى رجله الْيُسْرَى وَقعد عَلَيْهَا...» الحَدِيث ثمَّ قَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح. وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه بِلَفْظ «فَثنى رجله الْيُسْرَى وَقعد عَلَيْهَا». فَائِدَة: الفتخ- بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة-: تليين الْأَصَابِع وثنيها إِلَى الْقبْلَة.
هَذَا الحَدِيث صَحِيح كَمَا سلف فِي أثْنَاء الْبَاب وَهُوَ الحَدِيث الثَّامِن بعد الْأَرْبَعين.
هَذَا الحَدِيث صَحِيح كَمَا ذكرته فِي أثْنَاء الحَدِيث التَّاسِع عشر مَعَ مَا عَارضه وجمعت بَينهمَا وَذكرت هُنَاكَ أَنه من أَفْرَاد مُسلم وَأغْرب الْحَاكِم فاستدركه عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّه صَحِيح عَلَى شَرطه وَقد علمت أَنه فِيهِ، وَهَذَا الحَدِيث أَشَارَ إِلَيْهِ الرَّافِعِيّ فَإِنَّهُ قَالَ: وَحكي قولٌ أَنه يضجع قَدَمَيْهِ وَيجْلس عَلَى صدورهما، وَيروَى ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس. فَذَكرته أَنا بِلَفْظِهِ. فَائِدَة: كَانَ الْحَافِظ أَبُو عمر بن عبد الْبر يَقُول فِي قَوْله: «إِنَّا لنراه جفَاء بِالرجلِ»؛ أَنه- بِكَسْر الرَّاء وَإِسْكَان الْجِيم- وَيَقُول: من فتح الرَّاء وَضم الْجِيم- أَي الْإِنْسَان- فقد غلط. وَالَّذِي اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ مَا رده أَبُو عمر وقَالُوا: وَهُوَ الَّذِي يصلح أَن ينْسب لَهُ الْجفَاء. قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم: الَّذِي ضبطناه الثَّانِي وكَذَا نَقله القَاضِي عَن جَمِيع رُوَاة مُسلم، ورد الْجُمْهُور عَلَى ابْن عبد الْبر وَقَالُوا: الصَّوَاب الضَّم، وَهُوَ الَّذِي يَلِيق بِهِ مَعَ إِضَافَة الْجفَاء إِلَيْهِ. قلت: لَكِن يُؤَيّد الأول رِوَايَة الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده «إِنَّا لنراه جفَاء بالقدم» وَفِي كتاب ابْن أبي خَيْثَمَة مَا يُؤَيّد الثَّانِي إِذْ فِيهِ «إِنَّا لنراه جفَاء بِالْمَرْءِ» فَلَو ادعِي صَوَاب كل مِنْهُمَا إِذن لما بعد.
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنهمْ وَالْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي موضِعين من مُسْتَدْركه وَاللَّفْظ الْمَذْكُور لِلتِّرْمِذِي إِلَّا أَنه لم يقل: «وَعَافنِي». وَلَفظ أبي دَاوُد مثله إِلَّا أَنه أثبت «وَعَافنِي» وَأسْقط «واجبرني». وَهُوَ لفظ إِحْدَى روايتي الْحَاكِم أَيْضا. وَلَفظ ابْن مَاجَه: «كَانَ يَقُول بَين السَّجْدَتَيْنِ فِي صَلَاة اللَّيْل: رب اغْفِر لي وارحمني واجبرني وارزقني وارفعني». وَلَفظ الْبَيْهَقِيّ وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى للْحَاكِم «رب اغْفِر لي وارحمني واجبرني وارفعني وارزقني واهدني». قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث غَرِيب. قَالَ: وَرَوَى بَعضهم هَذَا الحَدِيث عَن كَامِل أبي الْعَلَاء- يَعْنِي أحد رُوَاته- مُرْسلا، وَقَالَ الْحَاكِم فِي كلا الْمَوْضِعَيْنِ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، وَقَالَ: وَأَبُو الْعَلَاء هُوَ كَامِل بن الْعَلَاء مِمَّن يجمع حَدِيثه فِي الْكُوفِيّين. قلت: وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بن معِين. وَقَالَ النَّسَائِيّ مرّة: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَمرَّة: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَالَ ابْن عدي: أَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ. وَأما ابْن حبَان فجرحه وَتَبعهُ ابْن طَاهِر.
هَذَا الحَدِيث غَرِيب جدًّا لَا أعلم من خرجه من هَذَا الْوَجْه، وَتبع الرَّافِعِيّ فِي إِيرَاده صاحبا الشَّامِل والْمُهَذّب فَإِنَّهُمَا أورداه بِزِيَادَة تكبيره «بعد قَوْله اسْتَوَى قَائِما»، وبيض بِهِ الْمُنْذِرِيّ بَيَاضًا، وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب: إِنَّه غَرِيب. لَكِن ذكره فِي فصل الضَّعِيف من خلاصته وَقَالَ الشَّيْخ تَاج الدَّين الْفَزارِيّ: لم أَقف عَلَى حَاله. قلت: ورأيته من طَرِيق آخر من حَدِيث معَاذ بن جبل رَضِيَ اللَّهُ عَنْه «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يُمكن جَبهته وَأَنْفه من الأَرْض، ثمَّ يقوم كَأَنَّهُ السهْم لَا يعْتَمد عَلَى يَدَيْهِ». لكنه ضَعِيف، كَمَا سلف بَيَانه فِي الْبَاب فِي الحَدِيث الثَّالِث عشر مِنْهُ فِي أثْنَاء التَّنْبِيه، فَإِنَّهُ قِطْعَة مِنْهُ. وَفِي أَحْكَام الْمُحب الطَّبَرِيّ أَن أَبَا بكر يُوسُف بن البهلول رَوَى من حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام رَأَى رجلا يُصَلِّي صَلَاة خَفِيفَة، فَقَالَ: أعد صَلَاتك، فَقَامَ الرجل عَائِدًا للصَّلَاة، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: كبر وارفع يَديك حَذْو منكبيك. فَفعل، ثمَّ قَالَ: اقْرَأ بِأم الْقُرْآن وَسورَة، ثمَّ كبر وارفع مُتَمَكنًا. فَفعل، ثمَّ قَالَ: ارْفَعْ رَأسك وَقل: سمع الله لمن حَمده رَبنَا وَلَك الْحَمد، وَلَا تسْجد حَتَّى يرجع كل عظم إِلَى مَوْضِعه، ثمَّ كبر واسجد، فَإِذا رفعت رَأسك فَكبر وانتهض قبل أَن تستوي قَاعِدا. فَفعل، ثمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: افْعَل فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة كَمَا فعلت فِي هَذِه الرَّكْعَة» وَلم يذكرهَا الْمُحب الطَّبَرِيّ بإسنادها لينْظر فِيهِ.
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ البُخَارِيّ بِهَذَا اللَّفْظ وَهُوَ مَعْدُود من أَفْرَاده، وَرَوَاهُ بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ أَيْضا.
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ كَذَلِك ثمَّ قَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظ «ثمَّ يرفع ويثني رجله الْيُسْرَى فيقعد عَلَيْهَا حَتَّى يرجع كل عظم إِلَى مَوْضِعه» وَقد أسلفنا ذَلِك قَرِيبا. فَائِدَة: ادَّعَى الطَّحَاوِيّ مَعَ سَعَة علمه أَن جلْسَة الاسْتِرَاحَة لَيست فِي حَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ، وَقد علمت أَنَّهَا ثَابِتَة فِيهِ وَقد سبق بالإنكار عَلَيْهِ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب لكنه وَقع فِي نُكْتَة لَطِيفَة، وَهِي أَنه قَالَ: احْتج من لم يسْتَحبّ جلْسَة الاسْتِرَاحَة بِأَنَّهَا لم تذكر فِي حَدِيث الْمُسِيء صلَاته، ثمَّ أجَاب بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا علمَّه الْوَاجِبَات دون المسنونات. وَهَذَا عَجِيب مِنْهُ فجلسة الاسْتِرَاحَة مَذْكُورَة فِي حَدِيث الْمُسِيء صلَاته فِي صَحِيح البُخَارِيّ، وَلكنهَا فِي غير المظنة، ذكرهَا فِي كتاب الاسْتِئْذَان فِي بَاب من رد فَقَالَ: عَلَيْكُم السَّلَام وَهَذَا لَفظه فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ للمسيء صلَاته: «ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تطمئِن جَالِسا، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تطمئِن جَالِسا، ثمَّ افْعَل ذَلِك فِي صَلَاتك كلهَا».
هَذَا الحَدِيث تكَرر فِي الْبَاب كَمَا سلف، وَاعْلَم أَن الرَّافِعِيّ اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث عَلَى قَوْلنَا باستحباب جلْسَة الاسْتِرَاحَة أَن الْأَصَح أَنه يرفع رَأسه إِلَّا أَنه يرفع رَأسه غير مكبر، ويبتدئ بِالتَّكْبِيرِ جَالِسا ويمده إِلَى أَن يقوم. وَرِوَايَة أبي حميد فِي جَامع التِّرْمِذِيّ ثمَّ قَالَ: «الله أكبر، ثمَّ ثنى رجله وَقعد واعتدل». شاهدة لذَلِك. وَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيثه وَلَفظه «ثمَّ يعود- يَعْنِي إِلَى السُّجُود- ثمَّ يرفع فَيَقُول: الله أكبر، ثمَّ يثني رجله فيقعد عَلَيْهَا معتدلًا حَتَّى يرجع أَو يقر كل عظم مَوْضِعه معتدلًا». ذكره الْبَيْهَقِيّ فِي بَاب جلْسَة الاسْتِرَاحَة فالاستدلال بذلك أولَى مِمَّا اسْتدلَّ بِهِ الرَّافِعِيّ فَتَأَمّله.
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه كَذَلِك.
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ البُخَارِيّ بِمَعْنَاهُ وَهَذَا لَفظه عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة قَالَ: «جَاءَنَا مَالك بن الْحُوَيْرِث فَصَلى بِنَا فَقَالَ: إِنِّي لأصلي بكم وَمَا أُرِيد الصَّلَاة لكني أُرِيد أَن أريكم كَيفَ رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي، قَالَ أَيُّوب: فَقلت لأبي قلَابَة: وَكَيف كَانَت صلَاته؟ قَالَ: مثل صَلَاة شَيخنَا هَذَا- يَعْنِي عَمْرو بن سَلمَة- قَالَ أَيُّوب: وَكَانَ ذَلِك الشَّيْخ يتم التَّكْبِير، فَإِذا رفع رَأسه عَن السَّجْدَة الثَّانِيَة جلس وَاعْتمد عَلَى الأَرْض ثمَّ قَامَ». وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده وَلم يُخرجهُ مُسلم، وللطحاوي: قَالَ: فَرَأَيْت: عَمْرو بن سَلمَة يصنع شَيْئا لَا أَرَاكُم تصنعونه كَانَ إِذا رفع رَأسه من السَّجْدَة الأولَى والثَّالِثَة الَّتِي لَا يقْعد فِيهَا اسْتَوَى قَاعِدا ثمَّ قَامَ وَلأَحْمَد كَانَ إِذا رفع رَأسه من السَّجْدَتَيْنِ اسْتَوَى قَاعِدا، ثمَّ قَامَ من الرَّكْعَة الأولَى وَالثَّالِثَة وَفِي الإقليد لِابْنِ الفركاح أَن الشَّافِعِي رَوَى بِإِسْنَادِهِ إِلَى مَالك بن الْحُوَيْرِث فِي صفة صَلَاة رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ مَالك إِذا رفع رَأسه من السَّجْدَة الْأَخِيرَة فِي الرَّكْعَة الأولَى فَاسْتَوَى قَاعِدا ثمَّ قَامَ وَاعْتمد عَلَى الأَرْض.
هَذَا الحَدِيث ذكره الرَّافِعِيّ تبعا للغزالي فَإِنَّهُ أوردهُ كَذَلِك فِي وسيطه، وَالْغَزالِيّ تبع إِمَامه فَإِنَّهُ أوردهُ كَذَلِك فِي نهايته وَلَا يحضرني من خرجه من الْمُحدثين من هَذَا الْوَجْه بعد الْبَحْث عَنهُ. وَقَالَ ابْن الصّلاح فِي كَلَامه عَلَى الْوَسِيط: هَذَا الحَدِيث لَا يعرف وَلَا يَصح وَلَا يجوز أَن يحْتَج بِهِ. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب: هَذَا حَدِيث ضَعِيف أَو بَاطِل لَا أصل لَهُ. وَقَالَ فِي التَّنْقِيح: ضَعِيف بَاطِل لَا يعرف، وَفِي النِّهَايَة لِابْنِ الْأَثِير، وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَنه كَانَ يعجن فِي الصَّلَاة فَقيل لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: «رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يعجن فِي الصَّلَاة» أَي يعْتَمد عَلَى يَدَيْهِ إِذا قَامَ كَمَا يفعل الَّذِي يعجن الْعَجِين. انْتَهَى. وَقَالَ ابْن الصّلاح: قد صَار هَذَا الحَدِيث- أَعنِي حَدِيث ابْن عَبَّاس- فِي الْوَسِيط والْوَجِيز مَظَنَّة الْغَلَط، فَمن غالط فِي لَفظه يَقُول: الْعَاجِز. بالزاي وَإِنَّمَا هُوَ بالنُّون، وَقد جعله الْغَزالِيّ فِيمَا نقل عَنهُ فِي درسه بالزاي أحد الْوَجْهَيْنِ فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَمن غالط فِي مَعْنَاهُ غير غالط فِي لَفظه يَقُول: هُوَ بالنُّون وَلكنه عاجن عجين الْخبز فَيقبض أَصَابِع كفيه ويضمها كَمَا يَفْعَله عاجن الْعَجِين، ويتكئ عَلَيْهَا ويرتفع، وَلَا يضع راحتيه عَلَى الأَرْض، وَهَذَا جعله الْغَزالِيّ فِي درسه. الْوَجْه الثَّانِي فِيهِ وَعمل بِهِ كثير من عَامَّة الْعَجم وَغَيرهم: وَهُوَ إِثْبَات هَيْئَة شَرْعِيَّة في الصَّلَاة لَا عهد بهَا بِحَدِيث لم يثبت وَلَو ثَبت ذَلِك لم يكن ذَلِك مَعْنَاهُ لِأَن العاجن فِي اللُّغَة الرجل المسن الْكَبِير الَّذِي إِذا قَامَ اعْتمد بيدَيْهِ عَلَى الأَرْض من الْكبر وأنشدوا: وَشر خِصَال الْمَرْء كُنْتٌ وعَاجِنُ وأصبحت كُنتِيًّا وأصبحتُ عاجنًا قَالَ ابْن الصّلاح: فَإِن كَانَ وصف الْكبر بذلك مأخوذًا من عاجن الْعَجِين فالتشبيه فِي شدَّة الِاعْتِمَاد عِنْد وضع الْيَدَيْنِ لَا فِي كَيْفيَّة ضم أصابعهما قَالَ: وَأما الَّذِي فِي كتاب الْمُحكم فِي اللُّغَة للمغربي الْمُتَأَخر الضَّرِير من قَوْله فِي العاجن: إِنَّه الْمُعْتَمد عَلَى الأَرْض بجمعه؛ وَجمع الْكَفّ- بِضَم الْمِيم- هُوَ أَن يقبضهَا كَمَا ذكره فَغير مَقْبُول مِنْهُ، فَإِنَّهُ مِمَّن لَا يقبل مَا ينْفَرد بِهِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يغلط ويغالطونه كثيرا، وَكَأَنَّهُ أضرّ بِهِ فِي كِتَابه مَعَ كبر حجمه ضرارته هَذَا آخر كَلَامه. وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي الْكتاب نقلا عَن صَاحب الْمُجْمل: إِن العاجن هُوَ الَّذِي إِذا نَهَضَ اعْتمد عَلَى يَدَيْهِ كَأَنَّهُ يعجن أَي الخمير، قَالَ: وَيجوز أَن يكون مَعْنَى الْخبز كَمَا يَقع عاجن الخمير. قَالَ الرَّافِعِيّ: هما متقاربان. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب: العاجن بالنُّون. قَالَ: وَلَو صَحَّ هَذَا الحَدِيث لَكَانَ مَعْنَاهُ قَامَ مُعْتَمدًا بِبَطن يَدَيْهِ كَمَا يعْتَمد الْعَاجِز وَهُوَ الشَّيْخ الْكَبِير وَلَيْسَ المُرَاد عاجن الْعَجِين وَكَذَا قَالَ فِي تنقيحه: إِنَّه بالنُّون وَهُوَ الرجل المسن الَّذِي حطمه الْكبر فَصَارَ بِحَيْثُ إِذا قَامَ اعْتمد بيدَيْهِ عَلَى الأَرْض، فَهَذَا صَوَابه لَو صَحَّ هَذَا اللَّفْظ، قَالَ: وَأما مَا نقل عَن الْغَزالِيّ فِي درسه أَنه قَالَ: رُوِيَ بالنُّون وَالزَّاي وبالنون أولَى، وَإنَّهُ الَّذِي يقبض بيدَيْهِ وَيقوم مُعْتَمدًا عَلَيْهَا، وَعلله بعلة فَاسِدَة، وَالصَّوَاب أَن الحَدِيث بَاطِل لَا يحْتَج بِهِ وَيقوم ويداه مبسوطتان مُعْتَمدًا عَلَى راحتيه وبطون أَصَابِعه.
|